اعمدة الرأي

☘️🌹☘️ *همس الحروف* *الشمالية تحتضن أبناء دارفور ، و الوالي ، و وزير التربية الإتحادي يوفون بالعهد ، و التاريخ يسجل الموقف* ✍️ *د. الباقر عبد القيوم علي*

متابعة:اللحظة نيوز

 

في هذا التوقيت الاستثنائي و الدقيق من عمر بلادنا ، و التحديات تتعاظم يوماً بعد يوم ، و المحن تشتد علينا ، و الإبتلاءات تتكاثر ، و لكن شعبنا صابر و محتسب ، و الوطن يئن بحراحاته العميقة ، و يهمس في آذاننا بنداء صامت ، و يدعونا إلى تجاوز المآسي ، وتناسي بعضٍ أحزاننا التي أثقلتنا ، لا عن نسيان ، بل عن إيمان بأن النهوض لا يكون إلا بالإرادة و العزيمة ، و أن الأمل لا يولد إلا من رحم المعاناة . ففي وسط هذا الظرف العصيب ، لا خيار لنا إلا أن نعيد تحريك عجلة الوطن بهدوء ، و لو بأيد مثقلة بالتعب ، و أن نعيد بث الروح في مفاصل الحياة ، و أن نتمسك بما تبقى من قدرة لنقود الأجيال نحو غد أكثر اتساعاً و أرحب إنسانية ، و نثبت مجدداً أن السودان وطن يسع للجميع ، و قد تمثل ذلك بالفعل لا بالقول في بادرة إنسانية ، و وطنية سامية ، تمثلت في إحتضان الولاية الشمالية لأكثر من 2500 طالب و طالبة من إقليم دارفور ، لتمكينهم من الجلوس لامتحانات الشهادة الثانوية للعام 2024 ، بعد أن حالت الأوضاع الاستثنائية دون انعقادها في مناطقهم .

هذه الخطوة المباركة تأتي برعاية كريمة وتنسيق محكم بين وزارة التربية و التعليم الاتحادية ، و حكومة الولاية الشمالية ، التي فتحت صدرها بكل رحابة و إستعداد ، لتكون الملاذ الآمن و البيئة الحاضنة لهؤلاء الطلاب ، مقدمة لهم الدعم النفسي و الأكاديمي ، ومهيئة لهم المراكز ، ومجهزة لهم السكن والمعينات و الخدمات الضرورية كافة، لتكون مبادرة متكاملة بكل معانيها التربوية و ابعادها الإنسانية .

و في مشهد حمل دلالات عميقة على أعلى مستوى من معاني التكافل الوطني ، فقد ترأس والي الولاية الشمالية اللواء الركن عبد الرحمن عبد الحميد اجتماعاً مشتركاً بدنقلا ، ضم قيادات التعليم الاتحادي و على رأسهم سعادة الدكتور التهامي الزين حجر وزير التربية و التعليم ، الذي جسد بمجهوده الدؤوب و جولاته الماكوكية المتواصلة في عدد من الولايات بالتنسيق مع طاقم وزارته ، حيث يمثل ذلك إيماناً عميقاً منه بأن التعليم حق أصيل لكل طالب سوداني ، وأمانة وطنية لا تحتمل التهاون او التراخي .

نحن شعب أصيل يعرف كيف يتناسى دون أن ينسى ،و يتجاوز الألم ليستمر في الحياة ، لكنه لا يفرط في الحق و لا يسقط الحساب من الذاكرة ، فالتسامح من شيمنا و لكن لا يعني عندنا الغفلة ، و أن الصفح لا يلغي الحقيقة ، و لن ننسى لتشاد موقفها إذ منعت أبناءنا في معسكرات اللجوء من الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية على أرضها ، و كانت تظن بأنها بذلك تغلق باباً في وجه مستقبلهم ، متنكرة للروابط و التاريخ و الجغرافيا و الدم ، و لكننا مضينا في طريقنا و لن نتوقف ، و فتحنا لأبنائنا أبواباً جديدة داخل أرضنا في الولاية الشمالية ، و لكن الحساب ولد ، و التاريخ يسجل الأحداث بدقة ، و الذاكرة لا تموت .

فالولاية الشمالية اليوم ، تحت قيادتها الرشيدة و حكومتها الفتية ومواطنيها الكرماء ، يعكسون جوهر السودان الحقيقي ، ذلك الوطن المتماسك رغم الجراحات متكاتف ، و رغم الظروف ، يتجاوز حدود الجغرافيا و يطوي المسافات ، لينصهر الجميع في بوتقة حب الوطن و الحرص على مستقبل أبنائه .

و هكذا ، تمضي قاطرة وزارة التربية و التعليم الاتحادية ، بقيادة الوزير التهامي حجر ، بخطى واثقة نحو تثبيت مبدأ العدالة في التعليم ، و تمكين جميع الطلاب من حقهم في الجلوس للامتحانات ، مهما كانت مواقعهم أو ظروفهم ، وهو نهج يستحق الإشادة والتقدير ، و يعتبر شهادة وطنية جديدة في معاني المسؤولية و التحدي .

و الله من وراء القصد و هو الهادي إلى سواء السبيل

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
سياسة الخصوصية