السودان.. آمال بنهاية “كابوس الحرب” في 2025 رغم توسع المعارك

يطل عام 2025 على السودانيين وسط حرب مستعرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ نحو عامين، دون أي أفق للحل رغم الضغوط الإقليمية والدولية وطرح العديد من المبادرات، والتي لم تحدث تقدماً يذكر لوقف صراع تسبب في أزمة نزوح كبيرة وتفشي المجاعة.

وتصطدم آمال انتهاء كابوس الحرب بواقع اشتعال جبهات القتال في العاصمة الخرطوم، والجزيرة وسط البلاد، والفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور إلى الغرب، بينما لم تحمل خطابات رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد محمدان دقلو (حميدتي)، بمناسبة رأس السنة الجديدة وأعياد الاستقلال، أي ملامح لتسوية في القريب العاجل.

وتسبب الصراع الدامي في سقوط ما يزيد على 20 ألف ضحية، بحسب آخر إحصاءات منظمة الصحة العالمية، فيما قال مدير المنظمة تيدروس أدهانوم جيبريسوس إن العدد الفعلي للضحايا قد يكون “أكبر بكثير”، وذلك خلال زيارة إلى بورتسودان، التي تتخذها الحكومة السودانية عاصمة إدارية منذ أغسطس الماضي.

ضغوط دولية وإقليمية
وتضغط أطراف دولية وإقليمية على الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لإنهاء الصراع، بسبب المجاعة التي ضربت مناطق واسعة في البلاد، مع تصاعد موجات العنف وعدم فتح المسارات الإنسانية لإيصال المساعدات. ويتوقع مراقبون أن تدفع الضغوط الأطراف المتحاربة نحو مفاوضات السلام.

وانعقدت جولات من المحادثات المباشرة وغير المباشرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، لكنها لم تفلح في وقف القتال، أبرزها محادثات جدة التي انطلقت في مايو 2023، وتوصل الطرفان من خلالها إلى عدد من الهدن، لكنهما تبادلا الاتهامات بخرقها بعد أيام.

كما توصل طرفا الصراع في السودان إلى اتفاق، وقعه في العاصمة البحرينية المنامة في يناير 2024 نائب قائد الجيش السوداني شمس الدين كباشي، ونائب قائد قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو. ونص الاتفاق الذي تضمن 22 بنداً، على تشكيل جيش وطني موحد مع قوات الدعم السريع، والقبض على المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وتفكيك النظام الذي حكم السودان في العقود الثلاثة الماضية، لكن ذلك الاتفاق أيضاً فشل في وقف إطلاق النار.

كما جرت محادثات في أغسطس الماضي، بجنيف سعت لإيقاف الحرب، بمشاركة قوات الدعم السريع وممثلين عن كل من الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات والاتحاد الإفريقي، وكذلك ممثل عن الأمم المتحدة، لكن الجيش غاب عن هذه المحادثات.

وفي خطابه مع بداية العام الجديد، اعتبر قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو أن “السودان على مفترق طرق”، وأكد أن قواته “لا تنوي ولا ترغب” في أن تكون “الجيش البديل للجيش السوداني، الذي دمَّره النظام القديم وقادته المتحالفون معه بالتسييس والمحاباة والفساد”، وشدد على “تمسكه بتأسيس جيش جديد مهني وقومي، لا يتدخل في السياسة، ويخضع للسيطرة والرقابة من المدنيين”.

وحض المجتمعَين الاقليمي والدولي على تقديم مزيد من المساعدات الإنسانية لمحاصرة “شبح المجاعة”، الذي يهدد حياة ملايين السودانيين، واتهم حكومة بورتسودان بـ”محاولة إنكارها”.

واعتبر إبراهيم مخير، مستشار قائد قوات الدعم السريع: أن قواته “في حالة دفاع عن النفس والجميع يشهد أن الجيش هو من يقود تحركاته ضد قواتنا في كافة المحاور، أو يستفزنا للدخول معه في معارك”، وفق قوله.

وأضاف مخير لـ”الشرق”، أن قوات الدعم السريع تعمل على “شل حركة الجيش ومنعه من أي تصرفات عدائية”. وتابع: “لكن ما دام الجيش تتحكم فيه المجموعات والفكر المتطرف يبدو أن الأمل في وقف الحرب لا يزال بعيداً، لكننا لن نيأس، وسوف نستمر بالضغط على الجيش دبلوماسياً، وحث السياسيين الذين يقفون مع السلام للضغط على قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، للخضوع لإرادة الشعب السوداني أولاً ثم المجتمع الدولي”.

لا مؤشرات على نهاية قريبة للصراع
بدورها، قالت رئيسة تحرير صحيفة “التغيير” الإلكترونية، رشا عوض، إن نهاية الحرب تظل “أمنية عزيزة وضرورة إنسانية ومطلب غالبية الشعب المكتوي بنيرانها”. وأضافت في تصريحات لـ”الشرق” أنه على صعيد الحراك العملي لإيقاف الحرب “لا توجد مؤشرات قوية لنهاية قريبة”.

وتابعت: “خطاب معسكر الجيش والإسلاميين تصعيدي، الدعم السريع يتجه لتشكيل حكومة، والضغوط الدولية ضعيفة وملف السودان تتلاعب به دول الإقليم”، لكنها أشارت إلى أن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بعد توليها مهمتها “ربما تضع إنهاء حرب السودان ضمن برنامجها لإنهاء الحروب”.

وأشارت إلى أنه “ربما يكون تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة الذي شهدناه العام الماضي مؤشر لعدم سماح المجتمع الدولي بعودة الإسلاميين للسلطة في السودان، وهذا يدعو إلى بعض التفاؤل بإنهاء الحرب، ولكنه يظل تفاؤلاً حذراً حتى نرى متغيرات في الساحة الداخلية والدولية”.

من جهته، يرى محمد السماني، الناطق الرسمي باسم التحالف السوداني المساند للجيش، أن “أي حرب في العالم لابد أن تنتهي بالاتفاق”، مشيراً في تصريحات لـ”الشرق”، إلى وجود “محاولات إقليمية ودولية لإنهاء الحرب في السودان”، لكنه اعتبر أن “مقاربة كل من الحكومة والدعم السريع لإنهاء الحرب مختلفة تماماً”.

Exit mobile version