اعمدة الرأي

همس الحروف||السودان و جواره الليبي

متابعات: اللحظة نيوز

يحتفظ السودان لجميع جيرانه بمواثيق الأخوة و حرمة الجوار ، و لا يتوانى في مد يد العون إليهم عند الطلب ،

فهو بلد كريم مفضال و صاحب نخوة ، و يعتبر عنصراً فاعلاً في محيطه الإقليمي في إطار التعاون و البناء

لكل من أخلص له النية و أحسن إليه المسير ، فدولة ليبيا الشقيقة تجمعنا معها صلات دم ، و تاريخ تليد ،

و جغرافيا متداخلة ، فلم تكن يوماً لنا خصومة مع شعبها ، و لن تكون ، و لكن حينما تبدأ رائحة البارود

تعبق حدودنا الغربية تحت قيادة جيشها الذي أدخل نفسه في مستنقع معركة داخل حدودنا السيادية

دعماً لمليشيا أثخنتها ضربات جيشنا الموجعة ، فهنا لا بد أن تقال كلمة قوية ، ليست بغرض التصعيد ،

و لكن لوضع النقاط على الحروف .

لقد تناهى إلى العالم أجمع ، لا إلى السودان وحده أن هنالك عناصر تابعة للجيش الليبي ،

و بالأدلة الدامغة و الوقائع الثابتة ، ضبطوا قبل هذا التصعيد الأخير داخل الأراضي السودانية

يقومون بمهام إستخباراتية دعماً للمليشيا ، التي يعلم القاصي قبل الداني بأنها إنهارت ميدانياً

تحت قوة ضربات القوات المسلحة السودانية ، حتى تحقق النصر في عدة جبهات إستعاد بها الجيش

زمام المبادرة و سيطر على ميدان المعركة ، و آخيراً أتت الضربة القاضية لمطار نيالا

الذي كان يُعد ليكون منصة صاروخية حديثة ، فإستطاع الجيش السوداني

بذلك شلّ العمود الفقري للمليشيا ، و من ساندها ، و بهذا يكون الجيش قد أسقط أوهام المليشيا

التي كانت تنوي سيطرتها و مد نفوذها داخل جغرافية السودان .

و في هذه السانحة لا بد أن يُقال بكل أدب جم إن مغازلة الجنرال خليفة حفتر لهذه المليشيا

ليست إلا مقامرة منه مكشوفة المعالم و تحدي سافر لجيشنا ، و لن تؤدي مثل هذه التصرفات

إلا إلى مزيد من الفشل ، كما فشلت مغامرات الجيش الليبي من قبل في تشاد ،

حين اصطدم بواقعٍ جغرافي و أمني معقد ، و هذا الواقع لا يعرف الرحمة ،

و يبدو ان حفتر ظن أنه قادر على طرح نفسه بديلاً للرئيس التشادي محمد كاكا في محاربة الدولة السودانية ،

فالجيش السوداني قادر أن ينقل له الدرس بقوة و بلهجة لا تقبل التأويل ،

و لن ينسى حينها حفتر هذا الدرس طيلة حياته .

و ها هو اليوم يتأهب لدخول المثلث الحدودي المعقد ، و لا يدري أهو في فَجة الموت ،

أي ذلك النشاط المفرط الذي يسبق النهاية المحتومة ، أم هي فرفرة مذبوح يركل بأرجله بعنف بعد الذبح ،

في مشهد يائس منه لإنكار الموت المحتوم .

و لكن ما يجب أن يعلمه الجميع ، أن الولاية الشمالية بقيادة الفريق الركن عبد الرحمن عبد الحميد إبراهيم

قد رفعت درجة الاستعداد القصوى ، و هذه الجاهزية لا تعني مجرد ردع محلي ،

بل هي امتداد مباشر لجاهزية الدولة السودانية ، تحت قيادتها الشرعية و قواتها المسلحة الباسلة،

التي لن تسمح لأي مغامر أن يعبث بأمن البلاد أو أن يتحول إلى وكيل حرب لمليشيا أثخنتها الهزائم .

لسنا دعاة حرب مع جيراننا ، و لسنا ممن يقوم بقرع طبولها ،

ولكننا أيضاً لسنا من أولئك الذين يفرطون في أرضهم أو يساومون في كرامتهم ،

فليعلم كل من يحاول أن يُشعل فتيل الفتنة من وراء الحدود أن نارها لن تحرق إلا يديه ،

و أن السودان قد غير قواعد الاشتباك ، و رفع شعار (الأمن القومي خط أحمر لا يُتجاوز) مهما كان .

و نحن نقولها بلا مواربة : السودان ليس في وضع خصومة مع ليبيا و لا مع أحد ،

و لكن إذا إختار أحدهم أن يلعب دور الخصم ، فإنه من المؤكد يلعب بالنار ،

و على كل داعمي المليشيا الخارجة عن القانون ، أن يدركوا أن ما ينتظرهم ليس نزهة ،

بل مواجهة مع دولة تعرف تماماً كيف و متي تصون كرامتها ،

و ستحتفظ بحق الرد و الردع داخل أرضي من تسوّل له نفسه المساس ببلادنا ، و لا نامت أعين الجبناء .

و (نصر من الله و فتح قريب) .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
سياسة الخصوصية