إكتشاف المقبرة الجماعية ومركز للتعذيب في قاعدة سابقة للمليشيا الدعم السريع

كشفت صحيفة الغارديان البريطانية عن إكتشاف صادم في السودان، حيث تم العثور على موقع دفن واسع يضم أكثر من 550 قبراً غير مميز في قاعدة سابقة لقوات الدعم السريع، إلى جانب مركز احتجاز وتعذيب كان مجهولًا حتى الآن. وتشير الأدلة إلى أن المحتجزين تعرضوا للتعذيب المنهجي والتجويع، مما أدى إلى وفاة العديد منهم قبل دفنهم في هذه المقابر الجماعية
تفاصيل الموقع المكتشف
1. مركز احتجاز وتعذيب في قاعدة “قري”
• تقع القاعدة على بعد 70 كم شمال الخرطوم، وكانت تُستخدم كمركز قيادة وتدريب لقوات الدعم السريع منذ بداية النزاع مع الجيش السوداني في أبريل 2023.
• عند استعادة القاعدة من قبل القوات المسلحة السودانية في أواخر يناير، تم اكتشاف مركز احتجاز غير معروف مسبقًا.
• شملت الأدلة التي وُجدت داخل القاعدة:
• أغلال معلقة على الأبواب، مما يشير إلى تقييد السجناء لفترات طويلة.
• غرف يُعتقد أنها استخدمت للعقاب، ربما كانت زنزانات انفرادية للضغط النفسي والجسدي على المحتجزين.
• بقع دماء على الأرض، مما يدل على تعرض المحتجزين للعنف الجسدي المستمر.
2. المقبرة الجماعية
• عُثر على موقع الدفن بالقرب من القاعدة، ويحتوي على 550 قبرًا على الأقل، بعضها يبدو أنه يحتوي على جثث متعددة في نفس الحفرة.
• الصور الجوية وتحليل الأقمار الصناعية أظهرت أن هذه القبور لم تكن موجودة قبل اندلاع الحرب، مما يشير إلى أن عمليات الدفن تمت حديثا.
• يُعتقد أن العديد من المعتقلين الذين لقوا حتفهم في مركز الاحتجاز قد دفنوا هناك، خاصةً وأن الناجين أكدوا أن الموتى لم يكونوا يُنقلون إلى مواقع أخرى، بل كانوا يدفنون مباشرة في القاعدة أو بجوارها.
شهادات الناجين: التعذيب والتجويع حتى الموت
بعد استعادة القاعدة، تم العثور على 135 رجلًا على قيد الحياة، وجميعهم مدنيون، في ظروف مزرية. بعض التفاصيل المروعة التي كشفها الناجون:
• ضرب وحشي متكرر: أحد الناجين قال إنه تعرض للضرب كل صباح ومساء، وكان يضطر إلى الجلوس في وضعية الجنين لفترات طويلة لحماية نفسه من الضرب.
• التمييز في المعاملة: أفاد الناجون بأن بعضهم تعرض للتعذيب بدرجات متفاوتة بناءً على خلفياتهم أو انتماءاتهم العرقية.
• سوء تغذية حاد: لم يكن يُسمح لهم بتناول الطعام بشكل منتظم، مما تسبب في فقدانهم القدرة على المشي عند إنقاذهم.
• صدمة نفسية شديدة: كثير من الناجين لم يتمكنوا من التحدث أو التفاعل مع المسعفين بسبب الصدمة التي تعرضوا لها.
شهادة الطبيب الذي عالج الناجين..
صرح الدكتور هشام الشيخ، وهو طبيب سوداني أشرف على فحص الناجين، بأن جميعهم أظهروا آثار تعذيب مروعة، شملت:
• ندوب وجروح عميقة ناجمة عن الضرب أو أدوات حادة.
• كسور في العظام لم تعالج.
• حالات سوء تغذية حاد، حيث بدت أجساد الناجين وكأنها هياكل عظمية.
وأضاف الشيخ: “عندما وصلنا إلى هناك، لم يتمكنوا حتى من المشي للخارج، كان علينا حملهم. بعضهم كان بالكاد قادرًا على التحدث. كانوا يعانون من إصابات بالغة نتيجة التعذيب المستمر.”
ردود الفعل الدولية والمطالبات بالتحقيق
1. دعوات لفتح تحقيق دولي
• طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش (HRW) بالسماح لمحققي جرائم الحرب التابعين للأمم المتحدة بدخول الموقع، معتبرة أن ما حدث هناك قد يكون “واحدة من أسوأ الجرائم الوحشية التي ارتكبت في السودان خلال الحرب الحالية.”
• إذا تم التحقق من صحة هذه التقارير، فقد تواجه قيادات الدعم السريع اتهامات بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أمام المحكمة الجنائية الدولية.
2. تساؤلات حول مصداقية الدعم السريع
• يأتي هذا الاكتشاف بعد أيام قليلة من توقيع قوات الدعم السريع ميثاقا سياسياً في كينيا، يهدف إلى تأسيس حكومة سودانية موازية في المناطق التي تسيطر عليها.
• هذا الاكتشاف يقوض أي مصداقية قد تحاول قوات الدعم السريع اكتسابها على الساحة السياسية، إذ يعزز صورتها كقوة ارتكبت فظائع ممنهجة.
ما الذي يعنيه هذا الاكتشاف لمستقبل السودان؟
• تصعيد المواجهة العسكرية: الجيش السوداني قد يستخدم هذا الاكتشاف كدليل إضافي على ضرورة القضاء على الدعم السريع عسكريا بدلاً من التفاوض معها.
• عزلة دولية متزايدة: من المحتمل أن تواجه قوات الدعم السريع مزيدًا من العقوبات الدولية، خصوصًا إذا ثبت تورط قادتها بشكل مباشر في هذه الجرائم.
• مزيد من الضغط على المجتمع الدولي: مع تزايد الأدلة على الفظائع المرتكبة، قد يصبح التدخل الدولي أكثر إلحاحًا، سواء من خلال فرض عقوبات أوسع أو دعم جهود قانونية لمحاسبة الجناة.
خاتمة: السودان أمام مفترق طرق
هذا الاكتشاف يمثل نقطة تحول في الحرب السودانية، إذ يكشف مدى وحشية الصراع والانتهاكات التي تعرض لها المدنيون. ومع استمرار القتال، يتزايد الضغط على المجتمع الدولي لمحاسبة المسؤولين عن هذه الفظائع واتخاذ إجراءات لمنع وقوع المزيد من المجازر.
ما حدث في قاعدة “قري” ليس مجرد حادثة معزولة، بل قد يكون جزءًا من نمط أوسع من الجرائم التي ارتُكبت خلال الحرب. السؤال الآن: هل سيتحرك العالم لإنصاف الضحايا ..