اعمدة الرأي

☘️🌹☘️ همس الحروف الكرامة تُولد من الشماليه و القائد عبد الرحمن عبد الحميد يقود ملحمة الصمود ✍️ *د. الباقر عبد القيوم علي

متابعة: اللحظة نيوز

بين دخان التمرد ، و غبار المعركة ، و تهليل و تكبير اسود الشمال ، و من قلب الوطن الذي لم و لن ينكسر ، تتشكل اليوم ملامح النصر على أرض الولاية الشمالية ، حيث يقف الشعب خلف قيادته الرشيدة ، و الجيش في أعلى درجات الجاهزية ، و الراية مرفوعة عالية ترفرف بالعزة و الكرامة .

كما بدأ مشهد الحرب في الخامس عشر من أبريل ، في العاصمة الخرطوم ، و مدينة مروي الصمود ، بدا الأمر للوهلة الأولى و كأنه مزحة ثقيلة ، أو حدث عابر سرعان ما ينطفئ ، لم يكن أحد يستطيع الجزم حينها أن ما يجري هو حرب نظامية ، لأنه في ظاهر الامر كان تمردا خبيثاً نبت داخل مؤسسات الدولة ، كسرطان خفي ، يتحرك بين مفاصلها ، مستغلاً غفلتها و ثقة أبنائها .

و لكن سرعان ما سقط القناع ، و كشف التمرد عن وجهه الدموي القبيح ، فعاث الخراب في شوارع الخرطوم ، وامتدت أيدي الخيانة لتزرع الدمار و النهب و الفساد في قلب العاصمة ، دون وازع دين أو ضمير ، ثم جاءت الضربة الأشد إيلاماً ، التي مزقت كل شك ، و أسقطت كل الأقنعة ، بسقوط ولاية الجزيرة ، قلب الوطن الزراعي و الثقافي ، وإستباحة مدينة مدني ، فكانت الكارثة ، و كانت الفضيحة التي عرت حقيقة الغزو ، و كشفت بوضوح لا يحتمل الشك أو التأويل أن ما يجري ليس تمرداً فحسب ، فقد ثبت باليقين النافي للشك أنه مشروع غزو تُحركه أجندات خارجية تستهدف الوطن في كيانه و تاريخه و مستقبله.

لم يكن سقوط مدني ، رغم فظاعته ، هزيمة كما توهم الواهمون ، بل كان لحظة مفصلية في تاريخ هذا الوطن ، لحظة إنكشاف الحقيقة وتبدد الأوهام … نعم ارتكبت المجازر ، و أنتهكت الحرمات ، وطعن الوطن في قلبه ، و لكن وسط هذا الجرح النازف كان ميلاد المعنى الأسمى ، فتشكلت المقاومة الشعبية ، و خرجت الحركات المسلحة عن حيادها ، و علم الجميع أن الوطن لا يُصان إلا باليقظة ، و أن الكرامة لا تسترد إلا بالتضحية ، لقد كان سقوط مدني الشرارة التي أضرمت نار العزيمة ، فغسلت الغفلة ، و أيقظت الضمير الجمعي ، و أعادت للناس إيمانهم بأن الدفاع عن الأرض ليس خياراً ، و لكنه واجب مقدس ، و من بين الأنقاض إرتفعت رؤوس الرجال و علت ، و من تحت الرماد نهض شعب إختار ألا يموت إلا واقفاً ، و لن يركع إلا لله ، فكانت سقوط مدني بداية النصر ، فكل شهقة ألم هناك تحولت إلى زئير مقاومة ، و كل قطرة دم سالت ستزهر نصراً بإذن الله .

و في ظل هذا الظرف الإستثنائي فقد أنعم الله على الولاية الشمالية بوالي من طراز آخر ، فسعادة الفريق ركن عبد الرحمن عبد الحميد إبراهيم ، و الذي كان يشغل نائب رئيس المقاومة الشعبية ، هذا الرجل إشتهر بانه صامت ، و قليل الكلام ، و لكنه كثير الفعل ، فجمع بين القوة و الرؤية ، و بين الحكمة و الحزم ، قائد ميداني بامتياز ، يعرفه الناس بالشجاعة و النقاء و الإخلاص ، إنه رجل لا تُعرف في قاموسه كلمات التردد أو التنازل عن حق ، صلب بقوة الفولاذ في المواقف ، مقدام في الميدان ، محاط برجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه .

الآن ، هذا القائد قد سند ظهره على صخرة الفرقة 19 مشاة ، قوة لا تعرف التراجع ، و كتائب سطرت المجد بأسمائها في ملاحم الرجولة و الوفاء ، إنها فرقة يسندها أحفاد مهيرة بت عبود ، التي لا تزال صيحاتها تُسمع و تتردد في الأذهان : (أكان جاك الموت ما بنفزع) ، فتبعث فيهم عزيمة لا تلين ، و إيماناً راسخاً لا يهزم ، منذ الإجتياح الأول ، كانت هذه الفرقة حاضرة في الميدان ، بحزمها و عزمها و انضباطها ، فحسمت الموقف في ساعاته الأولى ، ولقنت المليشيا درساً لن تنساه أبداً .

عملت الفرقة 19 على رفع جاهزيتها القتالية بكل دقة ، أعادت ترتيب صفوفها ، ونسقت عملياتها بعناية مع بقية الألوية في كافة محليات الولاية ، لتشكل منظومة عسكرية متماسكة تسندها المقاومة الشعبية بمختلف مسمياتها ، فهي الآن جاهزة لتضرب بقوة ، وتتحرك بحكمة رجالها الذين يعرفون الأرض ، ويحفظون تفاصيلها ، يقاتلون بإرث الأجداد وروح الشهداء ، لا يهابون الموت ، و يستقبلونه كما يُستقبل النصر ، بصدور عارية و قلوب مطمئنة .

و بفضل الدعم الشعبي الجارف ، تحولت الولاية الشمالية إلى قلعة من الصمود ، و إلى أرض عصية على التسلل أو الغدر ، فالمليشيا رغم دعمها بقوات أجنبية وعناصر موالية لحفتر ، أصبحت مترددة ، تخشى الاقتراب من أي منطقة ذات كثافة شعبية أو وجود عسكري منظم و لهذا نجدها ترسم ملامح نصر زائف على مستوى الميديا فقط في الأطراف النائية .

و رغم تقدم بعض المليشيا إلى منطقة كرب التوم ، إلا أن هذا التحرك تم رصده بدقة ، للتعامل معه ضمن خطة تكتيكية محسوبة ، و هذا الأمر لا يمثل بأي حال من الأحوال تهديداً فعلياً لجاهزية الولاية و لا لخططها الدفاعية .

و تدرك المليشيا ، تمام الإدراك ، أن إقتحام الولاية الشمالية يعني إشعال جحيم لن ينجو منه أحد من عناصرها ، فكل شبر من الأرض مراقب ، و كل خطوة محسوبة ، و كل جندي في قواتنا مستعد للقتال حتى آخر قطرة دم في عروقه .

في هذه المرحلة ، تلجأ المليشيا و جناحها السياسي إلى سلاح الإشاعة و الدعاية النفسية ، في محاولة يائسة للنيل من الروح المعنوية ، و لكن الشعب واع ، لا يُخدعه زخم الإعلام الزائف و المصنوع ، و قد جرب من قبل كيف تباع الأوهام وتحاك الخيانات .

نحن اليوم أمام معركة فاصلة ، في معركة الكرامة ، و نعلم تماماً أنها معركة البقاء ، فلسنا في موقع الدفاع فقط ، فمن هنا و تحت قيادتنا الرشيدة نتهيأ للرد الساحق ، و لدك التمرد من جذوره ، ثم الزحف إلى فاشر السلطان ، حتى لا تبقى له راية ولا صوت و لا شبر .

إن النصر من عند الله ، و هو اليوم أقرب لنا من أي وقت مضى ، وقد أعدت الولاية الشمالية عدتها ، وأصطفت قيادة ، و شعباً ، و جيشاً على قلب رجل واحد ، و لن يكون للباطل فيها موطئ قدم .

فلنحذر من الإشاعات ، ولنغلق آذاننا عن أبواق المليشيا و جناحها السياسي ، و لنمض خلف قيادتنا ، فالقائد موجود ، و الجيش مستعد ، و الشعب متحفز ، و هذه الأرض لن يدنسها عدو ، لأن فيها من الرجال من يفضلون الموت وقوفاً على حياة الركوع و الخنوع .

و لا نامت أعين الجبناء

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
سياسة الخصوصية