اعمدة الرأي

وما اخضرارُ الأرض إلا بعد أن تيبس .. بقلم/محمد فتح الرحمن بشير

متابعات: اللحظة نيوز

وما اخضرارُ الأرض إلا بعد أن تيبس ..
بقلم/محمد فتح الرحمن بشير

ما بين رماد الدمار وغيوم الألم، يلوح الأمل كغصن زيتونٍ نبت من بين الصخور. فالسودان، وإن بدا اليوم كأرضٍ تيبّست من الجفاف، لا يزال يحمل في جوفه بذور نهضة لم تمت، تنتظر فقط مطر الإرادة، وشمس الوعي، ورياح الصبر والتغيير.
وما اخضرار الأرض إلا بعد أن تيبس، هكذا تخبرنا الطبيعة عن دورة الحياة. وكذا هي الشعوب؛ تنهار، تتعثر، ثم تنهض. السودان لا يختلف عن تلك الشعوب التي دفعت أثمانًا باهظة بحثًا عن كرامتها، ولا تزال تقف عند عتبة الرجاء، تراقب الفجر من خلف ستائر المعاناة.
رغم كل شيء، فإن السودان غنيّ بما لا يُقاس..
غنيٌ بشبابه، بأرضه، بثقافته، بموارده التي تُعد من الأوفر في القارة. نعم، الحروب مزقت، والسياسة أرهقت، لكن خلف ذلك كله طاقة صامتة، تنتظر من يؤمن بها. في الحقول المهجورة، وفي العقول التي نزحت، في المعلمين الذين علموا تحت الشجر، في الأطباء الذين عالجوا بلا دواء، تنبض نواة دولة قادمة…
النهضة لا تأتي بضغطة زر، بل بإرادة. إنها تبدأ عندما يتحول الإحباط إلى تصميم، والخوف إلى مبادرة، والتشكيك إلى عمل. السودان لا يحتاج إلى معجزة، بل إلى استثمارٍ حقيقي في الإنسان، وإرادة جماعية تضع الوطن فوق المصالح الضيقة.
الحروب ستنتهي، مهما طالت. والجفاف السياسي سيزول، مهما اشتد. لكن الأهم أن نزرع اليوم بذورًا لا تحترق، بل تنتظر زمن الحصاد، بثقة المؤمن بأن الأرض، مهما تيبّست، ستخضرّ من جديد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
سياسة الخصوصية