اعمدة الرأي

☘️🌹☘️ *همس الحروف* *من أين لطلاب الشهادة السودانية بولاية الخرطوم بالمئة ألف يا وزارة التربية ؟!* ✍️ *د. الباقر عبد القيوم علي*

متابعة: اللحظة نيوز

☘️🌹☘️

*همس الحروف*
*من أين لطلاب الشهادة السودانية بولاية الخرطوم بالمئة ألف يا وزارة التربية ؟!*
✍️ *د. الباقر عبد القيوم علي*

سنتان من الجحيم ، لا شيء سوى الحطام و الدمار ، سنتان من الدموع المرة والجوع الكافر ، و سنتان من الطوابير و الحصار ، و الرصاص و الجري خلف شربة ماء ، أو حفنة دقيق ، سنتان من التشرد و النزوح ، و من القتل المجاني ، و من الاختفاء القسري ، و من صدمة الأطفال التي لا يعالجها منهج دراسي ، و لا يداويها امتحان .

ثم بعد كل هذا الضياع تخرج علينا وزارة التربية و التعليم ، و بكل جرأة ، و هي في كامل غياب إحساسها بوجدان هؤلاء ، لتقول لهم بدم بارد : لا بد أن يدفع كل طالب مئة ألف جنيه رسوم ، حتى يتمكن من الجلوس لامتحان الشهادة الثانوية .. نعم مئة ألف جنيه !!! هكذا بكل برود ، و بدون أدنى إحساس ، و كأن الوزارة لا تعيش في هذا البلد المنكوب ، و كأن الخرطوم في كوكب الزهرة ، لا في قلب الحرب .

من أين لطالب مشرد ، أو لأسرة فقدت منزلها و وظيفتها ، أن توفر هذه المئة ألف ؟ ، أم هل تعتقد الوزارة أن هؤلاء الطلاب أصبحوا أمراء نفط بين عشية وضحاها ؟ ، هل هو امتحان أم صفقة عقارية ؟ ، و هل التعليم في السودان صار امتيازاً للطبقة التي نجت من الحرب بالصدفة ؟ .

أي انعدام للإحساس هذا ، و أي جريمة ترتكب الآن باسم رسوم الامتحانات ، وزارة التربية التي لم تستطع من توفير حتى كتاباً واحداً لطالب نازح ، كيف لها تطالب اليوم برسوم و كأنها كانت تقدم للطلاب تعليماً فنلندياً ! .

على الدولة أن تتدخل اليوم قبل الغد ، لا نريد خطابات إنشائية عن الاهتمام بالتعليم ، كما يدعي ذلك كل من إعتلى أي منصة لبيع الكلام بالمجان ، نحن نريد قرارات واضحة ، فالتعليم حق ، و ليس سلعة ، و الامتحانات واجب الدولة ، و ليست صفقة بين الطالب و السلطات التعليمية ، و من يستثمر في الجهل يحصد الخراب ، و وزارة التربية ابعد ما تكون من طلابها اليوم .

إلى كل مسؤول في الوزارة ، أناشدكم أن تعودوا إلى صوابكم ، و أيقظوا ضمائركم ، فإن بقي في الخرطوم إنسان حي ، فلا تسألوا أبناءهم من رسوم قط ، فمن أين لهم بالمئة ألف ، بل انتم اسألوا أنفسكم من أين لهم بالمال و هم عطالى و في حاله نزوح دائم من منطقة إلى أخرى ، و هم يحملون أكفانهم على رؤوسهم ؟ .

كفاية يا وزير التربية و التعليم ، أرجوك .. فإن الضرب على الميت حرام ! ، فهل بقي شيء في هذا الطالب لم يسحق فيه ؟ ، كفاية عليه عامان من الحرب كفيلة بتمزيق الروح قبل الجسد ، ثم تأتون بعد ذلك لتثقلوا كاهله برسوم لا طاقة له بها ؟! ، أين أنتم من هذا يا سيادة الوزير ؟ ، ألم يصلك صوت الأمهات اللائي بعن آخر ما يملكن ليستمر أولادهن في مسيرة التعليم ، هل رأيت أطفال الخرطوم و هم يدرسون بلا كتب ، بلا كهرباء ، بلا أمل ؟ .

نرجو من الرجل الكريم صاحب الوقفات الإنسانية الشجاعة ، الرجل الذي لم يغادر ولايته على الرغم من أنه المستهدف الأول فيها ، البطل الهمام ، الشهيد الحي والي ولاية الخرطوم الأستاذ أحمد عثمان حمزة ، أن يتدخل فوراً لإنقاذ ما تبقى من أحلام هؤلاء الطلاب ، فالأمر ليس مجرد إمتحان لهؤلاء الاسر ، بل مصير جيل بأكمله يساق نحو الضياع ، والساكت عن الحق شيطان أخرس .

و الله من وراء القصد و هو الهادي إلى سواء السبيل

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
سياسة الخصوصية