
في أعقاب الهجوم الإسرائيلي المفاجئ على إيران، لم تكن الصواريخ وحدها هي التي تصدرت المشهد، بل ظهرت إلى السطح شبكة استخباراتية دولية تعمل منذ 25 عامًا في الظل، تضم تعاونًا غير مسبوق بين جهاز المخابرات الهندي “RAW” ونظيره الإسرائيلي “الموساد”، في واحدة من أعقد عمليات التغلغل الصامت في منطقة الخليج العربي.
بحسب مصادر أمنية خاصة ومقاطع تحليلية مسربة، استغل الجهازان ملايين العمال الهنود المنتشرين في دول الخليج—خصوصًا الإمارات والسعودية وقطر—كـ “نقاط وصول صامتة” لاختراق قطاعات استراتيجية. لم تكن هذه القوى العاملة مجرد أدوات اقتصادية، بل تحولت إلى أذرع استخباراتية مبطّنة تعمل دون لفت الأنظار.
هؤلاء الأفراد، المنتشرون بكثافة في البنوك، المطارات، شركات الاتصالات، والموانئ، ساهموا في تمرير المعلومات الحساسة بشكل تدريجي، بعيدًا عن الأجهزة الأمنية الخليجية التي لم تربط في الغالب بين الحضور الهندي الكثيف وبين أي نشاط استخباراتي.
اللافت في التحقيق أن شركات تكنولوجيا هندية عملاقة مثل TCS (Tata Consultancy Services)، وWipro، وL&T Infotech لعبت دورًا محوريًا في تمكين هذه الشبكة. قدمت هذه الشركات حلولاً رقمية للحكومات الخليجية، من إدارة البيانات إلى تأمين الأنظمة، ما منحها وصولًا شبه مباشر إلى المعلومات الحيوية للدولة.
بحسب تقارير فنية حصلت عليها أجهزة الأمن الايراني، فإن أنظمة تشغيل بعض المطارات والمنشآت النفطية كانت تُدار برمجياً من مراكز تحكم في الهند، ما يُعطي هذه الشركات قدرة غير مباشرة على المراقبة أو حتى الإيقاف عن بعد.
الهدف من هذه الشبكة لم يكن فقط جمع المعلومات، بل أيضًا التحكم في مفاصل حيوية من البنية التحتية الخليجية. هذا يعني أن الموساد وRAW وضعا اليد على أدوات تحكم يمكن استخدامها وقت الحاجة لتعطيل شبكات اتصالات، تعطيل مطارات، أو حتى التأثير على أنظمة مالية—دون أن تُطلق رصاصة واحدة.
(الإمارات: محور الارتكاز)
بحسب خبراء أمنيين، شكلت الإمارات نقطة ارتكاز لهذه الشبكة، بفضل احتضانها للعديد من مكاتب الشركات الهندية متعددة الجنسيات، وسياستها المتسامحة تجاه النشاط التجاري الهندي. بعض الموظفين التنفيذيين الكبار في هذه الشركات يحملون تدريبات مزدوجة في التقنية والأمن الإلكتروني، ما يُرجّح علاقتهم المباشرة بأجندات استخباراتية
إلى أي مدى كانت الأجهزة الأمنية الخليجية على دراية بهذه الشبكة؟
ما الضمانات التي تملكها هذه الدول ضد تكرار أو استمرار هذا التغلغل؟
وهل باتت البنية التحتية الخليجية مرتهنة لأنظمة أجنبية خفية تُدار من تل أبيب أو نيودلهي؟
ختاماً:
الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران كشف عن أكثر من مجرد تفوق عسكري، بل سلّط الضوء على حرب غير مرئية تُدار من داخل الأنظمة الخليجية نفسها. الحرب الجديدة لا تُخاض عبر الجبهات، بل عبر الأكواد، الموظفين، والخوادم الذكية.