☘️🌹☘️ *همس الحروف* *هيبة الدولة لا تُنال بالتهديد ، و أدب الخلاف لا يُقال بالوعيد* ✍️ *د. الباقر عبد القيوم علي*
متابعة: اللحظة نيوز

في لحظات حرجة يمر بها وطننا المكلوم ، و مع تعقيدات المشهد السياسي و تنامي خطاب العنف و التطاول ، بات من اللازم علينا أن نقف عند مفترق الكلمة ، لا بصفتنا كمشجعين لفريق ضد آخر ، و لكن من باب إننا أبناء لهذا الوطن الذي ليس له وجيع ، نؤمن أن ما يُقال في العلن ، لا يجب أن يهدد ما تبقى من هيبة الدولة و إحترام رموزها ، بغض النظر عن اختلافاتنا معهم .
نعم ، نختلف مع سيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ، و ننتقده حين يخطئ ، ونتفق معه حين يصيب ، فهكذا يكون أدب الخلاف و خلاف الأدب ، وهكذا تُبنى الدول ، على الحوار ، لا بالتهديد ، و على النقد المسؤول ، لا الوعيد الأرعن .
ما صدر مؤخراً في أحد اللقاءات بولاية البحر الأحمر من تهديد صريح و علني لرأس الدولة و قائد الجيش ، لا يُعد وجهاً من وجوه الرأي ، و لا هو اعتراض سياسي ، بل هي صفاقة و تطاول مرفوض وخطاب خطير ، لا يهدد فقط الشخص المعني بانه سمسح به الأرض ، بل يطعن في جدار الدولة ذاتها ، ويزرع بذور الفوضى و الاستخفاف بسيادتها .
فمن يهدد رئيس مجلس السيادة اليوم ، سيهدد أي مسؤول غداً ، ومن يلوح بالعنف اليوم ، سيجر الوطن إلى حافة الانفجار غداً .
الخطاب الذي قيل ، وتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، لا يحتاج إلى كثير من التحليل القانوني ، فهو جريمة معلنة في وضح النهار ، و تقع تحت طائلة القوانين التي تُجرم التحريض و التهديد ، و الإساءة إلى رموز الدولة ، وهيبة المؤسسات السيادية ، و ليس مقبولاً أن تمر مثل هذه التصريحات مرور الكرام ، وكأن شيئاً لم يكن ، فالصمت عنها سيكون بمثابة إعلان ضمني بأن من يرفع صوته بالسلاح و الوعيد هو وحده من يُستمع إليه ، ومن يفرض شروطه .
و هنا يجب أن نتوقف عند المسؤولية الكبرى للناظر محمد الأمين ترك ، الذي صمت عنها . فالصمت في موضع كهذا ليس حياداً ، وهذا يفسر تواطؤ و لكن بالصمت ، خاصة و أنه لم يصدر من المجلس الأعلى للبجا أي بيان توضيحي أو اعتذار رسمي لما حدث ، و هذا أمر لا يليق بقيادات يُفترض أن تتحلى بالحكمة، وتقدر حساسية المرحلة التي تمر بها البلاد .
نحن لا ندعو إلى قمع الأصوات أو كتم المطالب ، ولكننا نرفض أن تُطرح تلك المطالب فوق سيوف الوعيد ، وتحت ظلال التهديد ، كما أن الخلاف السياسي لا يعطي أحداً رخصة لإهانة رمز الدولة ، و التقليل من مكانته ، فالدولة ليست ملكاً لشخص ، ولكنها أيضاً لا تُهان باسم الشعب .
إن ما جرى ليس مجرد زلة لسان ، فهي إنذار خطير لمستقبل يمكن أن تُدار فيه الخلافات السياسية بمنطق السلاح لا الحجة ، و بأسلوب الفوضى لا النظام ، وإذا لم تتدخل الدولة بحزم فإن هذه السابقة ستفتح أبواباً يصعب إغلاقها ، وسنجد من يعتبر التهديد لغة مشروعة للتفاوض ، و من يعتقد أن من أمن العقاب يحق له الإساءة لمن يشاء .
الهيبة لا تُستعاد بالصمت ، ولا تُحترم بالخطابات الرخوة ، بل تُحفظ حين تقول الدولة كلمتها في الوقت المناسب ، و تُطبق القانون بلا انتقائية ، لا فرق بين كبير و صغير .
و نحن نقول للشعب السوداني المكلوم من أراد أن يُخالف ، فليخالف بأدب الخلاف و خلاف الأدب ، ومن أراد أن يُعارض فليعارض بعقل ، أما من اختار درب التهديد و الوعيد ، فهو ليس في خلاف مع شخص ، بل في خصومة مع مبدأ الدولة ذاتها .
و الله من وراء القصد و هو الهادي إلى سواء السبيل